Description
قالت لي السيدة التي تعتني بقسم الأسرى: «قبل عدة سنوات، سألني رجل كبير بالسن عن كتاب محدد » قامت السيدة بالتقاط كتاب سميك مجلد بغلاف صلب رمادي اللون تحولت أوراقه إلى اللون الأصفر، وأكملت قائلة: «بدأ الرجل بتلمس أطراف الغلاف بأنامل أصابعه باحثاً عن الفجوات في تجليدة الكتاب ». ولدى سؤاله عما يبحث، نظر الرجل الى السيدة وقد امتلأت تعابيره بالإحباط: «لقد اعتدت في السجن أن أخبئ إبرة التطريز الخاصة بي في تغليف هذا الكتاب .» تحتوي مكتبة بلدية نابلس على ما يقارب 8000 كتاب كان قد قرأها المعتقلون السياسيون في الفترة الواقعة ما بين عام 1972 وعام 1995 ، كما ويحتوي هذا القسم على 870 دفتر ملاحظات تم كتابتها بخط اليد. يأتي هذا العمل، مكتبة بلدية نابلس: قسم الأسرى - الجزء الثاني، كمرحلة ثانية من عملية استطرادية بدأت عام 2008 . وتعود زيارتي الأولى للمكتبة إلى شهر أغسطس/آب من عام 2008 ، ومنذ تلك الفترة، واضبت على الزيارات المستمرة لهذا الإرث وهذه الثروة الكامنة في هذه المكتبة في محاولة لاستكشاف طبقات من الروايات التي تخبئها أغلفة الكتب، من الشخبطة والغبار ومن الأحاديث الطويلة مع خليل. تجربتي الفنية تدور حول أطراف الموضوع ليبقى المعنى الحقيقي لتلك الكتب موضوع مركزي تتم تجربته واختباره بكل احترام وفضول. «إذا كان الكتاب رواية، فإن الأسير يعيش مع أبطالها ويتنقل بينهم من مكان الى آخر، يستمع إلى جدالاتهم ويشعبر بما يخالجهم من مشاعر وأحاسيس، يسكن في منازلهم ويجالسهم. هكذا يتمكن الأسير من إيجاد حياةً بديلة ، عالماً آخر وحقيقةً أخرى. لقداستطاع هذا الكتاب أن يحرر خليل عاشور من أسره » (خليل عاشور، نابلس - أسير من عام 1970 وحتى عام 1982).