متحف جامعة بيرزيت بالتعاون مع مؤسسة عبد المحسن القطان لافتتاح معرض "الرجل الذي تَكلَّمَ حتى اختفى: باني عبيدي في فلسطين"، وذلك يوم السبت الموافق 5 تشرين الثاني/نوفمبر، الساعة الثانية عصراً في متحف جامعة بيرزيت.
رنا بركات، مديرة متحف جامعة بيرزيت
في ثيمة قد يبدو فيها الواقع أغرب من الخيال، أو لنقل إن الجمع بين الاثنين يجسد تناقضات الحياة، يقدم لنا متحف جامعة بيرزيت ومؤسسة عبد المحسن القطَّان أول معرض للفنانة باني عبيدي في فلسطين. من خلال تعاون مكثف ومستمر مع الفنانة المُرتحلة، نقدم معاً "تحويلةً فلسطينية" لعملها الاستفزازي. من ناحية معرفية، يتم إدراك اللعبة حول كلٍّ من التحويل والقومية، حيث تتيح لنا أعمال باني مواصلة الحوار بيننا عندما نعمل على رفض ومقاومة الحدود المفروضة من قبل الحداثة، والاستعمار، والرأسمالية الشرسة. توضح لنا باني أن التعبير الفني يمثل كلَّاً من التجسيد والتحدي في عمل التحويل. عبر عرض أعمال باني يتحول متحف جامعة بيرزيت إلى رحلةٍ في عبثية الحياة بحلاوتها ومُرِّها، فهي رحلة البقاء. هذا المعرض هو دعوة لتغذية حواراتنا الجماعية.
من خلال هذه المختارات لعمل باني عبيدي، نبحر بين الحواجز والمآزق المفروضة على (تنقل- لا-تنقل) المعذَّبين. من خلال المشي بين إنتاجات الخيال لـباني، يتم تحويل متحف جامعة بيرزيت إلى حيز يربط بين الميتافيزيقي والفيزيائي في الانتظار عند الحدود والحواجز. نشهد السفر ونلاحظه ونحياه في عالم تهيمن عليه القوة. نمشي بين الحواجز التي تفرض التكرارات السخيفة لإنتاجات الأمن، والتي تحبسنا في ترّقب مستمر. فبينما نستمر في الانتظار والترقب، نعبر إلى عرضٍ حميمي لرسائل ضائعة تتكشف في أرشيف عنف الحداثة بصغائره وكبائره. تأخذنا باني إلى مسرح العبث، حيث يبدو الضحك ترياقاً مفيداً ضد تعصُّب السلطة الرسمية. يتنقل عملها بين تعليقٍ عميق على رموز القومية عسكرياً، وذكورية القوة، وعبثية الحدود، وجرأة فرض "الأمن" على الحياة اليومية. طوال الوقت، لا نفقد الإحساس بالواقع الكئيب للأشخاص المعذبين الذين يستمرون بالإبحار للبقاء في هذه الحياة. مع روح الضحك المنتشرة، والقدرة على كشف الوحشية للتنقل اليومي، من خلال كل المفارقات والتناقضات، تدعونا أعمال باني إلى محاولة التفكير بطريقة أخرى.
أٌعيد إنتاج كل قطعة في هذا المعرض محلياً، وحُوِّلت لتكشف وتفضح تناقضات الحياة المعاصرة من كراتشي إلى فلسطين وجميع المحطات بينهما. كمساحات تشترك في تاريخ من التجزئة والتذرير الاستعماري، نطرح هنا كيف نجتمع، أيضاً، على تشاركية الرفض. محفوفةً بالعنف والتشريد، تخلق باني مسرحية ملونة بالفكاهة.
فلسطين تمثل استثناءً فقط إذا استسلمنا للأطر المفروضة استعمارياً. في هذا المعرض، لا نتحدى هذا الفرض فحسب، بل إن باني عبيدي ترشدنا، أيضاً، إلى منهجية لكيفية المقاومة من خلال التعبير والترحال الفني.