ارتحالات في المعنى، معرض ينظر في إنتاجات الفنان الفلسطيني مصطفى الحلاج، (١٩٣٨-٢٠٠٢) ضمن مشروع المعرض الاسترجاعي السنوي للفنانين الفلسطينيين الرواد من تنظيم جاليري الحوش، وذلك في سياق البحث في صيرورة الإنتاج البصري الفلسطيني تاريخيا.
استقى الحلاج إلهامه من التراث الفلسطيني بكل ما فيه من أغاني وحكايا وعادات وزخارف وفلسفة شعبية ، واستعان بالأساطير والحضارات القديمة بالأخص السومرية والكنعانية والفرعونية لينسج برموزها عوالم ميتافيزيقية تزخَرُ بعلاقات تشكيليّة واقعيّة ورمزيّة ترتكز على خصوصية تأمّله للحالة الفلسطينية بكل أحداثها التاريخية المرتبطة بآلام التهجير والعودة والحنين وفضاءات الذاكرة العصيّة على النسيان. فكان أن أخرجها بأسلوب حسّي ميثولوجي، جسّد من خلالها مناخات متميّزة في التعبير تسعى إلى إعادة رسم الطقوس وتأريخ الحياة المعاصرة على نظير أساطير العالم القديم.
معرض "ارتحالات في المعنى" هو مقاربة لتوثيق أعمال وإلقاء الضوء على حياة الحلاج الملقب بـ" شيخ الفنانين" كأحد رواد الحركة التشكيلية الفلسطينية، من خلال أعمال ومجموعة من المواد الأرشيفية والبحثية التي تمكّن الحوش من إحضار جزءا منها من سوريا وأما الجزء الآخر فقد تم الحصول عليه من خلال التواصل مع أقاربه في فلسطين، ومن عدد من جامعي اللوحات الفنية الفلسطينيين.
تم إدراج هذه المواد في المعرض ضمن أربعة أقسام رئيسية :
أولها الأسطورة ببعدها الرّمزي المجرد وفيها يستوحي الحلاج من أساطير العالم القديم لنسج حكايته الخاصة، فيها المشهد والرمز الأسطوري المجرد يشكلان البعد الأساسي في التكوين.
الموضوع الثاني هو اللوحات التي تحتوي استعارات ورموز مباشرة في بناء مشهد خاص بأرض فلسطين، وفي هذا القسم نستعرض مجموعة مهمة من الأعمال التي شكلت معالم فن المقاومة والتي كان مصطفى الحلاج من روادها ومؤسسيها.
أما الموضوع الثالث فهو خاص بالجدارية التي لقي الحلاج حتفه وهو يحاول انتشالها من النيران التي هبت بمرسمه في جاليري ناجي العلي في دمشق عام 2002، حيث يقدم المعرض 3 أمتار منها، بمرافقة فيديو يستعرض الجدارية الأصلية كاملة قبل تعرض أجزاء منها للتلف والتفرق.
الجزء البحثي والأرشيفي هو الجزء الرابع في المعرض، فبسبب فقدان الأعمال المتكرر التي عانى منها الفنان لأسباب منها سياسية ومنها ما يتعلق بترحاله الدائم، رأينا التركيز الأكبر على تجميع مواد بحثية من مقالات نقدية، مقابلات، سكتشات وإعادة تمثيل أعمال مهمة عبر صناديق ضوئية. كما وقام الحوش بإنتاج فيلم قصير يشمل حوارات مصورة مع مقربين من الفنان على الصعيد الفني والشخصي، وسيتم لاحقاً إصدار كتيب استرجاعي يحتوي على مقالات حول حياته وإنتاجه وصورا للوحاته.
في هذا المعرض نحاول خلق حوار بين اللوحات والمواضيع المقدمة وبين الحلاج نفسه من خلال مقتطفات من مقابلات صُحُفيّة ظهرت في مجلات ثقافية من العالم العربي نشرت معه في ستينات و سبعينيات القرن الماضي، فنستعين بها لتكوين دليلا على مسيرة نأخذ فيها خطوة أقرب نحو فهم رموز الحلاج وارتحالاته في المعنى.