العودة إلى الأرض، العودة إلى الجسد: منزل أم وطن؟

عرض متحف جامعة بيرزيت العمل الفني لريم مصري "جسد محتل، أرض محتلة" لأول مرةٍ عام 2023. وقد كانت هذه محاولتنا من أجل إعادة التفكير بالفن، وذلك بكونه عملية مولدّة وحاضنة لنا ثقافياً، وليس برؤية الفن مُحاصراً لنا وبنا.

لقد ولَّد وأَنتج هذا العمل الفني كمحاولةٍ جمعية وتشاركية القدرة على تحويله رسمياً إلى مساقٍ تعليمي في جامعة بيرزيت كتجربةٍ بيداغوجية جديدة. وعلى هذا المسار، نمى المساق التعليمي لكل من ريم مصري ورنا بركات داخل متحف جامعة بيرزيت، وبالتنسيق مع دائرة الفنون البصرية (ضمن كلية الفنون والموسيقى والتصميم) تحت عنواننا المقترح "تجوالات المشاهد الطبيعية: النقاشات المعاصرة في ممارسة الفن". اعتمدنا في هذا المساق التركيز على إعادة التفكير بمفهوم وممارسة "المشهد الطبيعي"، وربطه مع أدوات مختلفة للإنتاج الثقافي على شكل ورشة عمل. ومن خلال كل ما سبق، نرى أمامنا الآن هذه القطعة بـ (إعادة) تشكيلٍ جديد لما شكلته ريم عام 2023 في وسط الصالة الفنية في متحف جامعة بيرزيت، والذي تداخل مع عملية التعليم والعمل حول القطعة الفنية، فيما تصورنا أن ذلك سيساعد على تحويل الصالة الفنية إلى قاعةٍ تعليمية أيضاً، وليس فقط كمساحة لعرض الفن بحالةٍ انفصالية.

لقد اقتربنا من الانتهاء من (إعادة) التشكيل داخل صالة العرض، وبدأنا لقاءات المساق بين غرفة القراءة والأبحاث في متحف الجامعة ومساحة العرض الفني داخل المتحف مع بداية تشرين الأول/أكتوبر 2023. أعادت ريم بناء هذا التشكيل عبر اللعب بالثيمات نفسها التي خطت محادثاتنا لأشهر. وعبر كل ذلك ظهر هنا نوع جديد ومتناقض من الحميمية، ولكنه كان حرفيًا آسراً للأنفاس. هنا، اصطدم الإحساس بالمسكن الذي يفترض أن الأمان متأصل فيه مع حالة الحصار وسرقة الأنفاس والخناق الذي يحيط بنا.

ثم تغير العالم مرةً أخرى. وفي هذا الوقت، أدركنا جميعاً أن السابع من تشرين الأول/أكتوبر كان وسيظل إلى الأبد لحظة تحول. لكن ما لم نره في البداية هو التوسع اللا-محتمل لعنف الإبادة الجماعية الذي اجتاح حياتنا ومشاهدنا الطبيعية وعقولنا. لقد "قوطع/كسر" مساقنا.

في الحياة الأخرى لهذه المساق، وفي محاولة للبقاء ملتزمين بمفهوم العملية والممارسة، سيعيد متحف جامعة بيرزيت الآن عرض هذه القطعة. وفي خضم أعمال عنف الإبادة الجماعية غير المحتملة - وبينما نشهد الدمار الكامل للمشهد الطبيعي في غزة والمعارك المستمرة على جسد وأرض فلسطين، قدمت لنا ريم فرصة للبحث في المستحيلات. كيف يمكن أن نرى مرة أخرى العلاقة الحميمة في الروابط بين الأرض والجسد حيث يتم تدمير كليهما؟ كيف يمكننا أن نتصور المنزل والبيت مرة أخرى ونحن نشهد محاولة إبادة لأي شكلٍ للحياة؟ إن (إعادة) العرض هذه في مشهد للواقع الأسود من الدمار والقتل الجماعي تقدم لنا - مرةً أخرى - كيف تّعلم فلسطين والفلسطينيون العالم. لقد استهدفت الإبادة الجماعية الاستعمارية الاستيطانية كل شيء، لكننا ما زلنا نعيد النظر في طرق الحياة وطرق الوجود.

تُستكمل هذه القطعة الفنية مع عروضٍ فنية وفكرية أخرى في متحف جامعة بيرزيت، حيث سنحاول التفكير من جديد حول الأسئلة التي لا نهاية لها لمعنى أن نعيش في فلسطين، والفرص المستمرة لتقديم طرق جديدة للتفكير والوجود لعالمنا.

 

 

 

التاريخ: 
نيسان 25, 2024