افتتاح معرض: "أربعة فنانين رواد من بلاد الشام" من المجموعة الفنية في متحف جامعة بيرزيت

يأتي هذا لمعرض ضمن مشروع عرض المجموعات المختلفة التي يقتنيها متحف جامعة بيرزيت وتعريف الجمهور بمحتوياتها والتي تزداد بشكل متواصل، وذلك بفضل التبرعات السخية التي يقدمها الفنانون ومقتني الأعمال الفنية للمتحف. جرى اختيار موضوع هذا المعرض بعد مداولات بين أعضاء لجنة متحف الجامعة والعاملين في المتحف، وذلك في ضوء المتغيرات المتلاحقة التي تشهدها بلاد الشام، خاصة في ظل محاولات تفتيت هذا الكيان الثقافي والتاريخي إلى المزيد من الأعراق والطوائف والكيانات السياسية لفرض وقائع جديدة وتثبيت أخرى قديمة لا تخفى على فهيم. كثير من الأجيال الجديدة لا يعرفون البعد الثقافي العميق الذي وحد بلاد الشام على مر العصور الغابرة، خاصة في ظل تنامي الإقليمية ومحاولة تحويلها إلى "هوية وطنية دائمة".

إن اختيار أربعة فنانين من بلاد الشام وعرض جزء من أعمالهم من مقتنيات متحف جامعة بيرزيت ووضعها تحت سقف واحد، هو صرخة في وجه الإقليمية والطائفية والمناطقية والقبلية، ومحاولة لاسترداد وإبراز المشترك في بلاد الشام عبر تعبيرات فنية. كما تجدر الملاحظة أن الفنانين الأربعة- ثلاث فنانات وفنان واحد- عبروا عن هوياتهم بطرق فنية مختلفة تظهر التنوع في خلفياتهم والمدارس التي تأثروا بها، لكن تجمعهم الغربة والمهاجر ورؤية الوطن والهوية من الخارج، كما هو حال غالبية مثقفي وفناني العالم العربي، تشكل بلاد الشام، بمكوناتها الأربعة، قلب نابض بحجراته الأربع، ينتقل الدم عبرها سيل متدفق، الحدود بين الحجرات ناعمة طرية، لا تستغني أية حجرة عن أخواتها، يتفاعلون بشكل متناغم ويتكاملون. أربعة فنانين من بلاد الشام، رواد من قلب بلاد الشام.

نبذة عن الفنانين:

سامية حلبي ولدت هذه الفنانة المبدعة عام 1936 في مدينة القدس، وهي من رواد الفن التجريدي ومن الفنانين المؤثرين في الفن الفلسطيني. وبالرغم من اتخاذها للولايات المتحدة الأمريكية مكان إقامة دائم لها منذ العام 1951، إلا أنها تعتبر رائدة في مجال الفن التجريدي في العالم العربي. تأثرت الفنانة بالحركات التجريدية الطليعية الروسية، وعملت ضمن قناعتها بأن الأساليب الجديدة للرسم يمكن أن تؤدي إلى رؤية الأمور والتفكير بها بطرق مختلفة لا تقتصر على رؤية جمالية اللوحة، بل تتعداها لتشكل مساهمة في التطور التكنولوجي والاجتماعي. منذ السبعينيات، سعت العديد من المؤسسات العالمية لاقتناء أعمال الفنانة، بما في ذلك متحف جوجينهايم للفن (نيويورك وأبو ظبي)، والصالة الفنية لجامعة ييل، والمتحف الوطني للفنون، واشنطن العاصمة، والمعهد الفني في شيكاغو، ومتحف كليفلاند الفني، ومعهد العالم العربي، والمتحف البريطاني. استضافتها جامعة بيرزيت منذ التسعينيات من القرن الماضي في عدة ورشات فنية لطلبة الجامعة ومعارض أهمها معرض "كفر قاسم" عام 2017، وأهدت نسخة أصلية كاملة من رسومات المعرض إلى متحف الجامعة.

مروان قصاب باشي ولد في دمشق عام 1934، درس الأدب العربي في جامعة دمشق ثم تخرج في المعهد العالي للفنون الجميلة في برلين عام 2016، من قسم التصوير الزيتي عام 1963. درّس في المعهد نفسه وأصبح أستاذاً دائماً عام 1980، كما نال العديد من الجوائز. كُتِب عنه الكثير من المقالات والدراسات والكتب. أقيم له أكثر من 80 معرضاً فردياً في دمشق وبرلين وبغداد وميونيخ وباريس وبيروت. ويعتبر من أكثر الفنانين العرب حضورا في المعارض الدولية، وتقتني العديد من المتاحف العربية والأوروبية مجموعة من أعماله، كما دشنت مجموعة أعماله المهداة إلى جامعة بيرزيت عام 1998 في معرض متميز بعنوان "إلى أطفال فلسطين"، الذي انتقل أيضا إلى القدس وغزة ومدن فلسطينية أخرى. تعد تجربة قصاب باشي من أبرز التجارب التعبيرية الألمانية، نظراً لتأثره بذاكرته الجمالية السورية، ويعالج الحالات الإنسانية بجرأة مركزاً على الوجه البشري المعذب الذي يتحول عنده أحياناً إلى مشهد طبيعي بكل ما فيه من تراب وصخور، وإلى عمارة لونية تراكمية في أحيان أخرى. غيب الموت مروان قصاب باشي في برلين عام 2016.

ايتل عدنان ولدت في بيروت عام 1925، تلقت شهادة البكالوريوس في الفلسفة من جامعة  السوربون، ثم توجهت إلى أمريكا لتستأنف دراستها هناك في جامعة كاليفورنيا (بركلي) وجامعة هارفارد.  ومنذ العام 1952 وحتى  العام 1978 درَّست فلسفة الفن في جامعة دومينيكان في كاليفورنيا، سان رافاييل، كما ألقت المحاضرات في عدة جامعات في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية. عادت إلى لبنان لتعمل كصحفية ومحررة  ثقافية في جريدة "الصفا"، وهي جريدة تصدر باللغة الفرنسية في بيروت. تعمل إيتل عدنان أيضاً كرسامة، وفي عام 2012 عرضت سلسلة من لوحاتها ذات الألوان الزاهية في معرض دوكومنتا 13 في كاسل بألمانيا، وفي عام 2014 عرضت مجموعة من لوحاتها وأعمالها في متحف ويتني للفن الأمريكي، كما عرضت أعمالها في المتحف العربي للفن الحديث بالدوحة تحت عنوان "إيتل عدنان بكل أبعادها"، حيث أظهر أحد عشر بعداً مختلفاً لأعمالها، شاملاً أعمالها المبكرة والأدب والسجاد وغيرها. حصلت على العديد من الجوائز الدولية. تقول أنها كانت محظوظة بزيارتها فلسطين عام 1966، حيث أقامت في بيت موسى العلمي في مزرعته في مدينة أريحا، وذلك قبل أن يعصف الاحتلال بما تبقى من فلسطين. كما أنها كانت قد تقدمت بطلب للعمل في كلية بيرزيت عام 1966 كمدرسة في دائرة الدراسات الثقافية.

منى السعودي نحّاتة وكاتبة أردنية - فلسطينية وناشطة فنية، ولدت عام 1945 في الأردن، وتعيش حالياً في بيروت وذلك منذ العام 1966. تعتبر منى السعودي من أكبر النحاتين في العالم العربي حيث عُرِفت على نطاق واسع بمنحوتاتها الحجرية، التي تستكشف العلاقة بين المادة الطبيعية والشكل الحديث، عدا عن خلقها الحركة في الأشكال الأساسية عبر التكرار والتنويع في أبعادها أو تقاطعها مع بعضها، حولت الكثير من قصائد الشعراء مثل محمود درويش وأدونيس وامرؤ القيس وسان جون بيرس إلى لوحات فنية. درست النحت في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس وعرِضت أعمالها في عدد كبير من المعارض في مختلف القارات، حيث عرضت منحوتاتها ورسوماتها. تقتني العديد من متاحف العالم أعمالها وغالبيتها معروضة بشكل دائم كتلك المنحوتة النصبية في ساحة معهد العالم العربي في باريس. أقامت معرضا في بيروت عام 2012 تحت عنوان "تحية إلى محمود درويش"، وآخر معارضها في الشارقة عام 2018.

التاريخ: 
أيار 18, 2019