علاقتي مع مدينة نابلس قائمة على صلة عاطفة قوية مع شخصية ورمز أبي الراحل جمال بدران. فقد كان أبي هو الناقل لصور البلدة القديمة في نابلس وتراثها الفريد وبنيتها المعمارية وأهميتها التاريخية. فعندما زرت مدينة نابلس للمرة الأولى، رأيت المدينة من خلال عينيه. جمال بدران كان فنان وخبير بالفن الإسلامي والحرف الإسلامية. وقد لعب الفنان جمال بدران خلال مسيرة حياته دوراً محورياً في المحافظة على وصيانة الفن الإسلامي والحرف الإسلامية في المنطقة بشكل عام. ومن أهم المشاريع التي قام بها كانت إعادة بناء وإعادة رسم لوحة منبر المسجد الأقصى بعد تدميرها في القدس. وقد برع جمال بدران في تصميم الأنماط العربية الإسلامية في
الزخرفة، كما تميز في فن التخطيط على مدىً متنوع من المواد كالجلد والبرشمان والورق والقماش والرخام والحجر والبلاط والزجاج الخليلي والفسيفساء والجص والخشب. ويأتي هذا العمل التركيبي تكريماً لفنه. ومع رمز لخيال ضوء كبير مضاء من الشمس، وتتبعاً لخطاه، قمت بحفر الأرابيسك أو الزخارف العربية بيدي وأنماط هندسية مستوحاة من أعماله وقمت بكتابة قصيدة بالخط الكوفي لوليد الكلاني. وقد كانت الفضاءات العامة في الما ضي تمثل إنعكاساً رائعاً للثقافة الفنية والحرفية للمكان. أما هذه الأيام، فقد انعدمت هذه الناحية من الثقافة والمشهد الحضري للمكان بسبب الإحتلال والأوضاع الاقتصادية المتردية. وأرغب في أن أعيد تمثيل هذه الروائع والجماليات في الأسواق الشعبية حيث ما تزال تكمن روح وأصالة المدينة العربية القديمة. وإحدى خصائص الأسواق الشعبية العربية هي تعليق المنسوجات الملونة فوق الشوارع الضيقة لتحمي المارين من ضوء الشمس. وسأقوم بتعليق عملي هذا في هذا المحيط الأصيل المكون من الظل والضوء في جادة شارع بدران. هذا العمل قائم على التركيب الفني الحي وسريع الزوال والقائم على فكرة الظل والضوء والعلاقة مع الفضاء المكاني حيث يترك الزمن أثره. مغيراً فيه وتاركاً أثره كشاهد على المدينة. وسيتغير اتعكاس الضوء بشكل مستمر بالشكل والمصير وفقاً لزاوية الشمس، وسيتحرك الظل على المرور وعلى الأرض ليصل إلى الجدران ليغمر المنطقة ببساط من التصاميم التجريدية. وسيتم دمج هذا التدخل الفني ليبقى كجزء من العناصر الحضرية الموجودة. كما وسيحظى بدلالة بصرية للتراث الإسلامي للمدينة وكتذكير يومي بأبي، الفنان جمال بدران.